الأحد، 10 أبريل 2011

الفرق بين القلب والفؤاد

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين اما بعد ,,,
اللهم لك لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ,,سبحانك اللهم أشهد أن لا إله إلا أنت لك الحمد ولك الشكر وأنت على كل شئ قدير ,, سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته  امين .... امين ... امين

الفرق بين القلب والفؤاد
لا يخفى على أحد منا ،،أن الباحث في القرآن الكريم يجد الكثير من أوجه الإعجاز العلمي ،،فقد توصل العلم الحديث لكثير من الحقائق المتعلقة بالعلاقة بين العين والفؤاد والسمع ,,,يطلق علماء اللغة لفظ ( القلب ) على لب كل شيء وخالصه ، ويطلقونه أيضا على اللحمة الصنوبرية المعروفة في الجانب الأيسر من صدر الإنسان ، ثم يطلقون لفظ ( الفؤاد ) على (القلب ) ، فيعرفون كلا منهم بالآخر . ومنهم من فرق بينهما بأن الفؤاد كالقلب ، لكن يقال له : فؤاد ، إذا اعتبر فيه معنى التفؤد أي التوقد وذلك رغم أن هذه العلاقة ذكرت تفصيليا في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا،ومن المعلوم كذلك أن أول خريطة تم رسمها للمخ البشري كانت بعد نزول القرآن الكريم بأكثر من 1200 عام ، وقبل ذلك كانت مراكز المخ مجهولة بالنسبة للإنسان ، لدرجة إن العلماء كانوا يعتقدون أن مركز البصر موجود في العين ، ومركز السمع

يوجد في الأذن ،، ولكن العلم الحديث فصل بين عضو البصر ومركز البصر ...ومركز السمع وعضو السمع أي أنه فصل بين عضو الحس ومركزه ، كما كشف لنا العلم أيضا عن وجود منطقة بين مركزي السمع والبصر في المخ تسمى منطقة البيان ،، وتدميرها يؤدي إلى أن يصبح الإنسان أبكم ..ومن الإعجاز كذلك أن رسم القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنا صورة مفصلة للمخ.....
ففي الآيات القرآنية التي تتحدث عن العين والأذن ، دائما تتقدم العين ( في كل آيات القرآن) الأذن إشارة إلى موقعها في رأس الإنسان ،وهناك آيات أخرى تتحدث عن الإبصار والسمع في تعبيرات تشير إلى الإدراك والتدبر ،ودائما يتقدم السمع على الإبصار.. وقد اكتشف العلم الحديث أن مراكز السمع تتقدم على مراكز الإبصار.....والشيء الملاحظ كذلك إن كلمة الفؤاد تذكر دائما بعد السمع والبصر وهذا يعني وجود علاقة عضوية بين السمع والبصر والفؤاد.
لعل تساؤل يطرح نفسه !!هل الفؤاد هو القلب؟ فإذا كان ذلك صحيحا فإن محل الفؤاد هو الصدر..ولكن قال الله عز وجل : (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ( الحج 46)
وقوله " أفلم يسيروا في الأرض " أي بأبدانهم وبفكرهم أيضا وذلك كاف كما قال ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك بن دينار : قال أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن : يا موسى اتخذ نعلين من حديد وعصا ثم سح في الأرض ثم اطلب الآثار والعبر حتى يتخرق النعلان وتنكسر العصا وقال ابن أبي الدنيا قال بعض الحكماء أحي قلبك بالمواعظ ونوره بالتفكر وموته بالزهد وقوه باليقين وذلله بالموت وقدره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الأيام واعرضي عليه أخبار الماضين وذكره ما أصاب من كان قبله وسيره في ديارهم وآثارهم وانظر ما فعلوا وأين حلوا وعم انقلبوا أي فانظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال" فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها " أي فيعتبرون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " أي ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر وما أحسن ما قاله بعض الشعراء في هذا المعنى وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان الأندلسي الشنتريني وقد كانت وفاته سنة سبع عشرة وخمسمائة : يا من يصيخ إلى داعي الشقاء وقد نادى به الناعيان الشيب والكبر إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ترى في رأسك الواعيان السمع والبصر ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم يهده الهاديان العين والأثر لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك الأعلى ولا النيران الشمس والقمر ليرحلن عن الدنيا وإن كرها فراقها الثاويان البدن والحضر ) ,,إذا الفؤاد ليس في الصدر!! لذا يجب الفصل بينهما ...والتمييز كذلك.....

بالفعل هناك ظواهر في القرآن والسنة تؤكد اختلاف القلب عن الفؤاد وأبرزها ذكر الفؤاد دائما بعد السمع والبصر في آيات القرآن الكريم كله.
بينما يأتي ذكر القلب قبل السمع والبصر كما في قوله تعالى ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم ) ..وقد يأتي بين السمع والبصر كما في قوله تعالى ( وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) ، وقد يأتي بعد السمع والبصر ( قل أرأيتم أن اخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم) ......
بل وهناك ظاهرة أخرى تبين اختلاف القلب عن الفؤاد ..في سورة القصص حيث قال الله عز وجل : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين)...فبعد أن ألقت ام موسى بابنها الرضيع في اليم أصيبت بصدمة ،فقدت على أثرها ذاكرتها ..واصبح فؤادها فارغا من الوعد الذي أخذته قبل أن تلقيه في اليم ، فالفؤاد هنا معطل ...بينما كان القلب صاحب اليد العليا في هذه القضية ....
أما في السنة الشريفة فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم )) : أهل اليمن ارق قلوبا وألين أفئدة )) ، وهنا نسب رسولنا الكريم الرقة إلى القلب ،، واللين إلى الفؤاد ..
بل حتى في اللغة العربية نجد أن قلب الشيء معناه (( لبه )) ، أما الفؤاد فيأتي من التفؤد ..وهذا كله يؤكد اختلاف القلب عن الفؤاد .
ويشير السمع والبصر إلى مناطق عقلية عليا في قشرة المخ ، وتتعامل هذه المناطق مع المسموعات والبصريات بكفاءة عالية ،،و البعض من ضعاف النفوس يقارنون بين هذه المناطق وبين أجهزة الذكاء الصناعي التي قد تفوق المخ البشري فيما تختزنه من مسموعات ومبصرات ،،ولكن الرد على هؤلاء يكون بأن هذه الأجهزة الصناعية ماهي إلا أرشيف كبير مبرمج وفقا لتخطيط المخ البشري ، بل يكفي المخ البشري أنه من صنع الله عز وجل ,,والباقي من صنع عبد لا حول له ولا قوة ...فالإنسان يسمع وينفعل بما يسمع ..ويتفأد بما يسمع ..وهذا غير موجود في أرقى أجهزة الذكاء الصناعي...وقد وجد العلماء في عمق المخ مناطق تتعامل مع العواطف والغرائز والأحاسيس ،،ولذا لا بد لنا إن شاء الله من وقفة ثانية لنبحث الفؤاد في قلب المخ .
الأبحاث العلمية الحديثة استطاعت أن تحدد مناطق الفؤاد في المخ ، فهناك ما يسمى حصان البحر )) لأنه يشبه حصان البحر (( ، وهناك جزء يسمى اللوزة ،، وجزء آخر اسمه الزنار ،، وهناك المهاد ...وقد استطاع العلماء تحديد وظائف هذه الأجزاء..... فالمهاد به مناطق الإحساس بالألم ....أما الزنار فيوجد به مناطق الإحساس بألم الحريق...ولحصان البحر واللوزة علاقة بالذاكرة وتدميرها يفقد الإنسان القدرة على تكوين ذكريات جديدة ولكن تظل الذكريات القديمة مخزونة ، فمثلا إذا رزق إنسان مصاب بمرض ما في هذه المناطق، بطفل لا يمكنه أن يتذكره إلا لحظيا ثم ينسى بعد ذلك كل شيء حوله ....ويوجد باللوزة أيضا جزء خاص بالعاطفة ...أما منطقة تحت المهاد فبها مناطق الغرائز (الجوع والعطش .................الخ )
هذه الأجزاء كلها تمثل الفؤاد الذي أثبت القرآن أولا ثم العلم ثانيا وجوده في مخ الإنسان ،لبقى القلب أمير الجوارح في صدر الإنسان بذلك يصبح السمع والبصر والفؤاد من أدوات القلب ، مع الوضع في الاعتبار أن الفؤاد مكون من عدة أجزاء ومناطق وليس منطقة واحدة فقط ..ويرتبط قلب المخ بمايسترو الجسم وهو الغدة النخامية ، وبالتالي تتولد الأحاسيس المختلفة في المناطق المختلفة للفؤاد قبل أن تذهب إلى القشرة المخية لتتميز ، ولكن الإحساس بالألم يبدأ في منطقة المهاد ،ويتميز بأنواعه المختلفة في القشرة ، فلو أزلنا القشرة يبقى الإحساس بالألم نتيجة وجود منطقة المهاد ...
القرآن أشار إلى المناطق المختلفة للفؤاد :
فقد قال الله عز وجل ((فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم )) فهذه الآية تشير إلى منطقة العواطف في الفؤاد ،،فلا يمكن أن يقوم الناس بزيارة هذا الوادي الخالي من الزرع والماء إلا أنه يمثل لهم عاطفة ما.
وقال تعالى ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا (( إلى أن قال تعالى )) ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة (( ..فقد فسروا العلماء زخرف القول بالكلام الفاسد الذي يثير الغرائز المختلفة ،أي أن الآية تربط الغرائز بالفؤاد...
أما في قوله تعالى ) وأصبح فؤاد ام موسى فارغا ( الآية تشير إلى الذاكرة..
وفي قوله ( مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) فسر العلماء كلمة هواء بانها تعني خلو أفئدتهم من العقل ، من شدة الخوف والرعب فقدوا اكرتهم كما في حالة أم موسى ...
وكذلك قوله تعالى (نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ) قال المفسرون إن نار الله تصل إلى الأفئدة لأنها أرق ما في الجسد حيث إنها مكان الإحساس بالألم ، وهذه إشارة واضحة إلى أن مكان الإحساس بالألم هو الفؤاد...



اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي دينك امين ولمن قال امين

اللهم لك لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ,,سبحانك اللهم أشهد أن لا إله إلا أنت لك الحمد ولك الشكر وأنت على كل شئ قدير ,, سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته  امين .... امين ... امين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق